الثلاثاء، 6 مايو 2014

صغيرتي.. لا تخافي



صرخت بصوت مكتوم تنادي أمها، وتلمست بيديها الصغيرتين قدمها التي ترتجف لعلها تفر إلى أمها وترتمي في أحضانها، وقبل أن تشعر بعجزها إذا بأمها تضمها بكل حنان الدنيا تربت على شعرها وتمسح دمعتها التي كانت قد تصلبت في عينها، فإذا بالدمع ينهمر على وجنتي الصغيرة وكأنه قد أطلق سراحه، وارتفع صوتها الرقيق بالبكاء الحزين يعبر عن المشاعر المختلطة في القلب من الخوف والأمن، وكأنها تقول لأمها: خذي قلبي الصغير وخبئيه في قلبك الكبير..
وأخذت الأم تُهديء من روعها، وناولتها مشروبًا تحبه وهي تردد لها كل كلمات الحب والسكينة وظلت تحيطها بأيات الحفظ من القرآن الكريم، وتحصنها بالهدي النبوي الشريف.
وتمالكت الصغيرة انفعالها شيئا فشيئا، وظلت الأم بجانبها حتى هدأت تماما واسغرقت في سُبات عميق بعد أن أخذت وعدًا من أمها أن تبقى بجوارها.
وحين جاء الوقت المناسب للحوار، أمسكت الأم بيد ابنتها وأخذت تتحدث معها وتحثها بذكائها المغمور بالحنان حتى تستخرج من قلبها مخاوفها، فإذا بالصغيرة تردد لها أنها ترتعب كلما خافت أن تفقدها أو تفقد والدها أو تفقد أحدًا من أخواتها، وأنها تخشى أن تصبح وحيدة، وتفزع كلما تخيلت أن أحدًا من أسرتها قد يصاب بما يؤلمه ويحزنه، وأخذت الكلمات الصادقة البسيطة تنساب من الفم الصغير تصاحبها نظرات الضعف والحيرة، وأخذتها الأم بين أحضانها وأعادت لها الطمأنينة والاحتواء.
ثم اختلت الأم بنفسها وأخذت تستعرض مسار حياة أسرتها خاصة الشهور الماضية القريبة، كانت بالفعل تلاحظ حالة الانطواء التي ظهرت على طفلتها هذه لكنها كانت تفسرها بأنها تمر بمرحلة جديدة غالبا ما يعتريها بعض التغيرات، واكتفت بذلك التفسير ولم تحاول أن تواكبه هي، وأنها أيضا قد استرعى انتبهاها أن ابنها الذي يكبر أخته بأكثر من سنتين قد أخذت تصرفاته يشوبها بعض العنف وأنه يغضب كثيرا، وأن العلاقة بينه وبين والده قد أخذت في التواتر، وكيف أنها كانت ترى دائما أن مشاغلها أكثر من أن تواجه ذلك، حتى أن ابنتها الصغرى التي لم تتجاوز الرابعة من عمرها تخلت عن براءتها وأصبح سمتها العند في غالب ردود أفعالها، وزاد الأمر ألما بداخلها أنها هي أيضا قد أصبحت أكثر عصبية وأنها أصبحت تصرخ كثيرا في وجوه أبنائها، وحتى علاقتها بزوجها قد أصبحت فاترة متوترة، وكيف أنها تكثر من شكوى أمراض مختلفة، وأن زوجها أصبح يهدد بأنه سيترك المنزل ويذهب ولا يعود.
وانتبهت الأم من غفوتها وأدركت أنها في لحظات فارقة، وأخذت تبحث بداخلها عن المرأة المسلمة والأم الحنون والزوجة الذكية والأنثى الواعية لتوقظ كل ذلك بداخلها وتنفض ماعلاه من الغبار، والتجأت إلى ربها تستغفره عن النسيان والبعد عن الطريق، واقتربت من زوجها الذي كان قد اشتاق لابتسامتها وتعاهدا على الاستعانه بالله للمضي بقوة في الطريق السليم والحفاظ على فلذات أكبادهما وثمرة العمر واقتلاع الأشواك التي قد تعتري الطريق.
وها هي وقد كفت عن الشكوى وامتلأ المنزل بذكر الله وسادت الطمأنينة والسكينة أفراده، وها هو الأب يصطحب ابنه إلى المسجد ويعودان ليشاركا الجميع في اللعب والجد والضحك والحب ولسان الحال يردد: كم من النعم تحيط بنا ونغفل عن شكر المولى عليها..
رسالة المراة 

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets