إن الأساس الإيماني هو حجر الزاوية في تكوين فتياتنا وتوجيههن ، وعندما تختل أسس الإيمان في نفوس فتياتنا ، وتغيب لديهن التصورات الفكرية الصحيحة فإن الحياة تضطرب بالفتيات وتتقاذفهن تيارات الانحراف والفساد الفكري ، وإن أقصى ما يُصيب مجتمع من المجتمعات أن يصاب فتياتها أمهات المستقبل ومربيات الأجيال بالتيه والضياع والاغتراب الحضاري ، وتتمزق في دواخلهن روابط الإيمان وتنخر كيانهن موجات القلق واليأس ، وللإعلام والفضائيات دور فعال في تثبيت أركان العقيدة في نفوس فتياتنا والإسهام في ترسيخ مبادئ الإيمان في قلوبهن ، كما للإعلام دور فعال في إثارة الشهوات ودغدغت المشاعر والعواطف من خلال إغراءات بعض البرامج والمواد التي تبث على مدار الأربع وعشرين ساعة .
وقد قيل : إن إطلاق البصر ينقش في القلب صورة المنظور ، والقلب كعبه وما يرضى المعبود بمزاحمة الأصنام .
وقال ابن القيم رحمه الله : اعلم أن الإصرار على المعصية يوجب من خوف القلب من غير الله ما يصير به منغمساً في بحار الشرك ، والحاكم في هذا ما يعلمه الإنسان من نفسه إن كان له عقل ، فإن ذل المعصية لابد أن يقوم بالقلب فيورثه خوفاً من غير الله ، وذلك شرك يورثه محبة لغير الله ، واستعانة بغيره في الأسباب التي توصله إلى غرضه فيكون عمله لا بالله ، ولا لله ؛ وهذا حقيقة الشرك .
فإذا استطاع الإعلام والفضائيات من تطوير الأساليب والقوالب التي تقدم بها المواد التلفازية ذات المضامين التوجيهية المباشرة ، وإدخال عناصر التشويق إليها وسعت نحو الاهتمام بهموم الفتيات الحقيقية ، والاقتراب من قضاياهم ، والواقعية في معالجة مشكلاتهم ، إلى جانب الحد من صور التناقض الصارخ ، والتصادم العنيف بين البرامج التوجيهية والدينية ، وبين تلك المواد التي تدغدغ العواطف وتثير الغرائز والتي تقدمها وسائل الإعلام لجماهيرها ؛ فإن فتياتنا ستكون وجهتهن نحو تثبيت الأساس الإيماني في نفوسهن ، والسعي بكل إخلاص إلى تسخير ما حباهن الله من طاقات وقدرات لترسيخ تلك العقيدة ، ونكون بذلك قد كسبنا نصف المجتمع ، وأمهات رجال المستقبل الجدد ؛ الذين قد يسهموا في تقدم المجتمع أو تأخره .
ولكي نغير واقعنا لابد من تغيير الإنسان من الداخل ، ولتحقيق ذلك فإننا مطالبون بحشد جميع إمكاناتنا ووسائلنا من أجل تحقيق التغيير الإنساني ، ولا شك أن وسائل الإعلام تحتل مكانة بارزة ومؤثرة في رعاية الإنسان وتوجيهه ليكون عنصراً فعالاً في بناء حضارة عريقة ذات طابع إسلامي مميز.
إعداد / د. رجاء بنت سيد علي المحضار
عضو هيئة التدريس بقسم التربية الإسلامية ـ جامعة أم القرى
موقع تربيتنا