الأربعاء، 16 أبريل 2014

التربية الأسرية من منظور الإسلام.. مقال بقلم/ د. إيناس الشافعي محمد

التربية الأسرية من منظور الإسلام.. بقلم/ د. إيناس الشافعي محمد



الأسرة نظام اجتماعي تربوي ضمن النظم والأنساق الاجتماعية وهي ضرورة حتمية لبقاء الجنس البشري ودوام الوجود الاجتماعي، وقد أودع الله سبحانه وتعالى في الإنسان هذه الضرورة بصفة فطرية، ويتحقق ذلك باجتماع الزوجين، والاتحاد الدائم المستقر بين الزوجين من شأنه أن يرسي دعائم الاستقرار الاجتماعي، وحينما يرزق الزوجان بالأبناء فإن هذا يعني مزيداً من التعاون والتآزر للاضطلاع بمهمة التربية لهؤلاء الأبناء.
وقد سُن الزواج للنسل والسكن النفسي، والالتقاء على ما يثمر المودة والرحمة ومشاعر الخير والتواصل، وصدق الله العظيم إذ يقول: " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" سورة الروم- أية 21.
وبلغ التشريع الإسلامي الغاية في الدعوة إلى أن تسود مكارم الأخلاق أعضاء الأسرة كواجب ديني لا يجب التهاون في أدائه ولا في إقامته؛ ومن هنا تميزت التربية الأسرية من منظور الإسلام بمجموعة من الأسس التي تقوم عليها، وتنطلق منها، وهذه الأسس تتمثل فيما يلي:
- الربانيـة: أي أن التربية الأسرية من منظور إسلامي تنطلق من العقيدة الإسلامية والشريعة الإسلامية، وتقوم على منهج الإسلام وذلك لتحقيق غاية أساسية وهي ربط الإنسان بخالقه سبحانه وتعالى، في جانب من أهم جوانب حياته وهو الأسرة بكل عناصرها ومكوناتها.
- البنـاء الخلقـي: فالتربية الأسرية من منظور إسلامي تأتي في سياق المنظومة القِيَمية التي توجه سلوكيات السلم نحو الحث على كل ما هو خير، ورفض كل ما هو شر، ومن ثم فإن التربية الأسرية لا تمثل منظومة قِيَمية جديدة ولكنها تستفيد وتوظف المنظومة الخلقية لدى الفرد في إنتاج سلوك أسري يتميز بالحق والخير والجمال.
- الشمــول: أي أن التربية الأسرية من منظور إسلامي تتعلق بتهيئة عقل الإنسان وفكره وتصوراته عن الكون والحياة وعن دوره في عمارة الأرض، وعن علاقاته مع بني البشر الآخرين وفي مقدمتهم أفراد الأسرة.
- التـــوازن: أي أن التربية الأسرية من منظور إسلامي تراعي في الإنسان كل حاجاته ودوافعه ورغباته وتدربه على إشباعها وتلبيتها وتوجيهها الوجهة الصحيحة وفق منهج القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، بلا إفراط أو تفريط.
- الواقعيـــة: فالتربية الأسرية من منظور إسلامي تنظر إلى الإنسان باعتباره مستخلفاً في هذا الكون ويتطلب هذا منه القيام بمهام وأدوار حياتية في واقعه الذي يعيش فيه ، وفي تعامله مع الآخرين في واقع حياتي يتجدد باستمرار وتتغير عناصره ومدخلاته بشكل دائم، الأمر الذي يتطلب محاولة تحليل عناصر ذلك الواقع والبحث عن آلية تتناسب والتفاعل مع هذا الواقع وخاصة فيما يتعلق بالأسرة.
- التوجيـه العملـي: فالتربية الأسرية من المنظور الإسلامي تنطلق أساساً من العقيدة الإسلامية، والإيمان، والأفكار الإسلامية، وتلك الأخيرة تحتاج إلى العمل للتعبير عنها والبرهنة عليها وإثباتها، ومن ثم فإنه انطلاقا من أن العبادات في الإسلام أداءات قوليه وعملية يقترن فيها الإيمان بالعمل الصالح.
وجملة القول في هذا الشأن أن التربية الأسرية من منظور الإسلام تربية تسع الحياة كلها بما فيها من مشاعر واعتقادات وأعمال وعبادات ومعاملات وسلوك، وتصبح الحياة كلها داخل الأسرة وخارجها موجهة وجهة تعبدية يتم فيها التطبيق الفعلي للإسلام بتربية الفرد أُسرياً على العقيدة والمبادئ الأخلاقية الإسلامية.

د. إيناس الشافعي محمد
أستاذ المناهج وطرق التدريس المساعد
كليتا الآداب والتربية للبات بأبها
جامعة الملك خالد

موقع تربيتنا

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets