الهرمونات كلمة السر في السمنة وزيادة الوزن
يعتقد معظمنا أن مشكلة السمنة وزيادة وزن الجسم تنحصر أسبابها فقط في الإسراف في تناول الطعام وقلة الحركة. ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما فهناك العديد من الأسباب الأخرى التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بداء السمنة. أهم هذه الأسباب هي هرمونات الجسم. ترى ماهو الدور الذي تلعبه الهرمونات في مشكلة البدانة؟ الإجابة عن هذا التساؤل نستعرضها سويا خلال السطور التالية.
الهرمونات والبدانة
في كثير من المناسبات والأوقات الاحتفالية تتوق النفس إلى تناول حبة من الدونات أو قطعة من الكيك، وفي قرارة نفسك تحرصين على عدم تناول أي قطعة أخرى خوفا من تأثيرها المدمر، ولكن لا تمر سوى دقائق قليلة إلا وتجدين نفسك وقد امتدت يدك لتناول حبة ثانية وثالثة، وربما أكثر من ذلك. هل تعلمين أن هرمونات الجسم كانت هي المحفز الأكبر وراء تناولك لكل هذه الكمية من الأطعمة السكرية أو الكربوهيدراتية؟
نعم فلا داعي للدهشة والتعجب، فالهرمونات تتحكم في كل شيء يحدث بأجسامنا ابتداء من استجابة الجهاز المناعي وحتى الضغوط والتوترات التي نتعرض لها. وقد رصد العلماء حالة عدم التوازن الهرموني في كل مشكلة تواجه الجسم مثل سرطان الثدي وفقدان الذاكرة وكذلك اضطرابات الطعام. مما يعني الأهمية القصوى لهذه الهرمونات؟ أي أنه عندما قمت بتناول الدونات لم يكن ذلك احتفالا بالمناسبة السعيدة كما تعتقدين، ولكن كان استجابة لهرمونات الجسم. ويوجد نحو 40 مركبا كيميائيا داخل أجسامنا، وكل هؤلاء يتحكمون في شهيتنا والطعام الذي نأكله أيضا. مما سبق يتضح لنا أن الهرمونات تعد لاعبا أساسيا في جميع العمليات التي تتم داخل الجسم، ولكن ما يغنينا هنا هو دورها الحيوي في مسألة البدانة زيادة الوزن. ومؤخرا تم ابتكار العديد من الخطط التي من شأنها تطويع الهرمونات لأجل الحفاظ على رشاقة الجسم، وليس هذا فحسب بل والمساعدة على خسارة الأوزان الزائدة أيضا.
مطلوب نوع من التوازن الهرموني
معظم الدراسات والأبحاث العلمية الحديثة تؤكد على أن الحفاظ على هرمونات الجسم في صورة متوازنة يؤدي بالفعل إلى الحفاظ على الجسم رشيقا دون أن يكتسب أي أوزان زائدة كما أن العكس أيضا صحيح. بمعنى أنه في حالة وجود الاضطرابات الهرمونية، فإن ذلك يؤدي حتما إلى الإصابة بداء السمنة. وخير مثال على ذلك هو أن أي نظام غذائي سوي يكون مصيره الفشل إذا لم يتم ضبط إفراز هرمون الأنسولين مثلا. فالحفاظ على تناول الأطعمة الصحية وحساب عدد السعرات الحرارية لن يجدي كثيرا في هذه الحالة. فعندما يفرز الجسم قدرا وفيرا من الأنسولين يزداد لدينا الشعور بالجوع، وبالتالي تناول كميات أكبر من الطعام. وهنا لا مجال نهائيا للحديث عن قوة الإرادة وضبط النفس، فلن يجدي ذلك نفعا مع ثورة الأنسولين بالجسم. لأجل ذلك أصبحنا نسمع عن أنظمة جديدة للريجيم تختلف عن تلك الخطط التقليدية، وتعتمد على ضبط الهرمونات داخل الجسم. تركز هذه البرامج الجديدة على التقليل بقدر المستطاع من إفراز الجسم للهرمونات الفاتحة للشهية، ولا مانع من حث الجسم على إفراز مزيد من الهرمونات التي تحجم شهيتنا وتدفعنا للشعور بالشبع. فعلى سبيل المثال يجب أن يكون هناك توازن دائما بين هرمونات الأنسولين وهرمونات النوم وتلك التي من شأنها التغلب على حالات القلق والتوتر. ولكي يتحكم المخ في ذلك يلزمه هو الآخر نوع من التوازن الهرموني كي يقوم بالأمر على أفضل حال. فالأمر معقد للغاية، حيث إنه من الضروري وجود توازن بين الموصل العصبي سيرتونين والذي يؤثر على الشهية والحالة المزاجية مع هرمون الاستروجين. وقد وجد أن انخفاض هرمون تيستوستيرون يؤدي إلى تعكر المزاج كما ينجم عن ذلك أيضا مزيدا من دهون البطن.
نحو فهم أعمق للهرمونات ورشاقة الجسم
في أي لحظة من عمر الإنسان يدور نحو 200هرمون داخل الأوعية الدموية. وكل هرمون يعطي إشارة معينة لجزء معين من الجسم كي يتصرف بطريقة معينة. على أي حال الرغم من تأثير كل هذه الهرمونات على عملية تناول الطعام إلا أن أكثرها تأثيرا على الإطلاق هو هرمونات الغدة الدرقية. تلك التي تساعد على تنظيم عملية حرق الطعام. ولا ننسى أيضا تأثير الأنسولين. والذي يضخ السكر داخل الأوعية الدموية. ولهذا عندما تتناولين كميات هائلة من الأطعمة السكرية مثل الدونات والشيكولاتة يضخ الأنسولين قدرا هائلا من السكر داخل الأوعية الدموية، ويتم إمداد كل جزء بالجسم بما يحتاجه من السكر، أما الفائض فيتم تحويله عن طريق الكبد إلى دهون، وإليك أيضا مجموعة مختلفة من الهرمونات التي تؤثر سلبا على مسألة الرشاقة.
الكورتيزول
وهو الهرمون المسؤول عن التعامل مع القلق والتوترات ويعمل على زيادة نسبة الجلوكوز بالدم، ومن ثم يكون لدينا الطاقة للتعامل مع المواقف المؤرقة والخطرة أو نتخذ أي حيلة دفاعية مثل الهرب. ولكن مع كل هذه الفوائد لهرمون الكورتيزول، فإن زيادته تزيد من النهم للطعام، وخاصة الدهون والسكريات وكذلك الكربوهيدرات، وقد وجد أن كل ذلك يساهم في كثرة دهون البطن والتي ترتبط بأمراض السكري والأوعية الدموية. لأجل ذلك ظهرت العديد من ماركات الحبات الدوائية والتي يطلق عليها blockers cortisol أو الأدوية المحجمة للكورتيزول. ولكنها غير ذي جدوى إلا في أضيق الحدود. والسبيل الأمثل للتخلص من وفرة إفرازه هرمون الكورتيزول هو الإقلال من تناول الدهون والسكريات، كما أنه وجد أن هذا الهرمون يزداد نشاطه مع الحرمان من النوم، فاحرص على الحصول على كفايتك من النوم.
اللابتين والغارلين
ومهمة هرمون اللابتين هي إرسال إشارات للمخ في حالة الشبع والامتلاء وبالتالي يأمر المخ بالتوقف عن تناول الطعام. أما الغارلين فهو هرمون الجوع ووظيفته مضادة لعمل اللابتين، حيث أن مهمته إخبار المخ بأنه قد حان الوقت كي يتناول الجسم طعامه. هذه هي مهمة كل هرمون على حدة ولكن لسوء الحظ يحدث تداخل في كثير من الأحيان يؤدي إلى حدوث آلة من الارتباك. فنحن لا نتناول الطعام فقط عندما نشعر بالجوع. ففي كثير من الأحيان يكون تناولنا لطعامنا لأسباب أخرى مثل الشعور بالسعادة أو الرغبة في تناول طعام سكري كالأيس كريم، أو ملحي كالشيبس، ومع تكرار مثل هذه الأساليب يتم إفراز هرمونات الجوع والشبع لأسباب أخرى غير الجوع والشبع، مما يساهم في وجود حالة من عدم التوازن الهرموني. كل ذلك ناهيك عن أنظمة الريجيم القهرية والتي تزيد من اضطرابات الهرمونات داخل أجسامنا. ولكي ننأى بأنفسنا من هذه الحالة يؤكد العلماء أن هناك طريقا واحدا لذلك، ألا وهو عدم تناول أي طعام إلا في حالة الجوع وهذا يضبط هرمون الغارلين (هرمون الجوع) وأن نحدد لأنفسنا علامات للشبع نتوقف عن تناول الطعام فور ظهور هذه العلامات مباشرة.
الاستروجين وبروجيسترون
بعد حدوث تبويض لدى المرأة يزداد هرمون البروجيسترون بغزارة داخل جسم المرأة وهو الهرمون الذي يعد جسم المرأة ويجهزه للحمل. وكلما زاد هذا الهرمون بالجسم كلما أقبلت المرأة على التهام عدد أكبر من السعرات الحرارية، وذلك لأن الجسم يرى أن المرحلة القادمة سوف يحتاج إلى كل هذه السعرات. كما أن المرأة تحتاج إلى هرمون الاستروجين الأنثوي مدى الحياة، وخاصة في فترات الحيض والدورة الشهرية. وقد جد أن نقص هذين الهرمونين خلال أيام الدورة الشهرية يدفع المرأة أيضا إلى التهام الطعام بكثرة. وكل ذلك بالطبع يؤدي إلى زيادة تخزين الدهون داخل الجسم.
استفيدي من تأثير الهرمونات
على الرغم من عدم وجود وصفة جاهزة من الطعام أو السلوكيات للتغلب على الأضرار التي يحدثها الاضطراب الهرموني بالجسم، إلا أنه يمكنك أن تمنحي جسمك فرصة أفضل وذلك عن طريق تهيئة بيئة صحية تساعد هذه الهرمونات على العمل بكفاءة كالتالي..
تناولي الأطعمة الكاملة
احرصي على تناول الوجبات الغنية بالألياف وتلك التي تحتوي على الكربوهيدرات المركبة وكذلك الحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات، وأيضا الدهون غير المشبعة. من أهم خصائص هذه الأطعمة أنها بطيئة الاحتراق ومن ثم تشعرك بالشبع وتمنعك عن تناول المزيد من الطعام لأطول وقت ممكن. تناولي الطعام في شكله الطبيعي، على سبيل المثال تناولي برتقالة كاملة بدلا من عصير البرتقال. فالكوب الواحد من عصير البرتقال ربما يحتوي على ثلاث حبات من البرتقال إضافة إلى السكر المضاف، ولكن إذا كنت تتناولين البرتقال في صورته الطبيعية فعلى الأرجح سوف تتوقفين بعد تناولك لحبة واحدة.
خداع هرمونات الجسم
بدلا من أن تتركي الفرصة لهرمونات الجوع والتوتر كي تنال من رشاقتك، يمكنك خداعها بسهولة، فعلى سبيل المثال تدفعنا المشاعر السلبية مثل القلق والانفعال والغضب إلى التهام المزيد من الطعام، وذلك بسبب وجود هرمونات التوتر. تخلصي من هذا العيب بمحاولة البعد عن هذه المشاعر السلبية. اشغلي نفسك بعمل أو هواية محببة إلى قلبك، مارسي الرياضة وشاهدي الأفلام التي تحبينها، لا تركني إلى الكسل والخمول كثيرا. احصلي على كفايتك من النوم الهادئ المريح. اجعلي حياتك طبيعية لأقصى درجة، لا تميلي إلى الوسائل الحديثة للترف والرفاهية. نعلم أن السيارة مطلوبة للغاية للذهاب إلى أي مكان نرغب أن السيارة مطلوبة للغاية للذهاب إلى أي مكان نرغب فيه، مثل العمل والأسواق، ولكن لا يمكن اعتمادك عليها بنسبة 100٪، كما أن المصعد مريح للصعود إلى الطابق الذي نسكن فيه ولكن لن يضيرك إذا خصصت يوما أو يومين أسبوعيا لاستخدام السلم.
مجلة اليقظة
***
ومن مجلة العروبة الطبية هذه المعلومات
يوجد عوامل كثيرة لتأثير الهرمون على السلوك، منها التكوينى والتنشيطى، ويقصد بـ “التكوينى” الذى يحدث أثناء تكوين الجنين، وثبت وجود أماكن متعددة لاستقبال تأثير الهرمونات على المخ، وهو يعتبر طويل المفعول وغير قابل للتغيير بعد حدوثه، هذا ما أكده الدكتور محمد كمال غيطانى، أستاذ الغدد الصماء والسكر بطب الإسكندرية لـ”اليوم السابع″ خلال مؤتمر البدانة والسكر والغدد الصماء المنعقد حاليا بالإسكندرية، أن هناك علاقة بين الهرمونات والسلوك، فالسلوك البشرى يتأثر بعوامل كثيرة، من ضمنها الهرمونات فى المخ البشرى مثل هرمون الاستروجين وهرمون الكورتيزول وهرمون الغدة الدرقية مثل تأثير نقص هرمون الغدة الدرقية على المخ، والذى يؤدى إلى تليف وموت فى بعض خلايا المخ، مع حدوث تخلف عقلى غير قابل للعلاج، وأيضا تأثير هرمونات الذكورة على تكوين الجنين لكى ينمو.
وأوضح أن هناك أمثلة كثيرة لتأثير الهرمونات على بعض السلوكيات، مثل العنف والقتال، وهذا ما يسببه هرمون التستوستيرون فى الرجال، ويزيد بالذات فى موسم التزاوج فى الحيوانات، وزيادة هرمون الأستروجين فى الإناث، كما أن هرمون الكورتيزول له دور فى التأثير على الجسم، فالزيادة السريعة فيه تؤدى إلى زيادة العنف، والزيادة البطيئة فيه تؤدى إلى قلة العنف، والنقص المستمر يؤدى إلى زيادة العنف أيضا.
وقال إن التوتر يلعب دورًا مهمًا، فتقريبا كل الهرمونات تتأثر بالزيادة إلا هرمون التستوستيرون والأستروجين والأنسولين وهرمون الغدة الدرقية.
وأشار إلى أنه توجد هرمونات كثيرة تؤثر على السلوك الغذائى مثل هرمون الجريلين، والذى يفرز من المعدة، ويسمى هرمون الجوع وهرمون الليبتين، ويفرز من خلايا الدهون البيضاء فى الجسم، ويؤدى إلى الإحساس بالشبع.
وهرمون الأنسولين، ويؤدى إلى الإحساس بالشبع عن طريق المخ أو يؤدى إلى الإحساس بالجوع، إذا تسبب فى نقص السكر بالدم.
أما هرمون الحب، وهو هرمون الأوكسيتوسين، ويزيد فى بداية الحب الرومانسى، كما يسمى الهرمون الرابط “الذى يربط الناس فى المجموعة الواحدة أو القبيلة الواحدة أو البلد الواحد، وتعاطفهم سويا، ويسمى هرمون الحب الأمومى بين الأم، ورضيعها ويسمى هرمون الثقة أيضا”.
وقال: “لقد لوحظ تغييرات نفسية مثل الاكتئاب والتوتر والعنف فى بعض أمراض الغدد الصماء مثل مرض السكر وأمراض الغدة الدرقية، كما لوحظ وجود تغيرات فى أمراض الغدة فى بعض الأدوية النفسية مثل الليثيوم الذى يؤدى إلى نقص هرمون الغدة الدرقية، وزيادة إفراز الغدة الجار درقية”.
وأكد أن كل التغيرات السابقة تم دراستها تماما فى الحيوانات، وتعتبر مؤثرة بشدة فى السلوك الحيوانى، ولكن بالنسبة للبشر، فهى مؤثرة أيضا، ولكنها لا يتم من خلالها تكوين السلوك، ولكن تؤدى إلى زيادته أو نقصه فقط، حيث إن العقل يظل هو المسيطر على تنفيذ السلوك أو منعه، والهرمونات لا تتحكم فى الإنسان، ولكن يظل العقل هو الذى يتحكم فيه.