السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاةٌ عمري 24 سنة، لدي 5 أخوات، أغلبنا في سن الزواج، منذ سنوات طويلة ووالداي على خلاف دائم، حتى إن كلاً منهما الآن يسكن في منزل مستقل، وهناك نفور دائم بينهما.
أنا وأخواتي مشتتون فكريا ونفسيا وماديا، لا زواج ولا عمل أبدا ولا سكينة ولا بركة في بيتنا، نلاحظ نفور الخطاب منا، قليل الذين يسألون عنّا بهدف الزواج، ولا يعود أي منهم -مع العلم أننا معروفات والحمد لله بخلقنا وديننا وحسن سيرتنا وجمالنا-، حتى إن ذهبت أي منا لمقابلات التوظيف أو العمل يتم رفضها تلقائيا.
ولحل المشكلة اتصلت والدتي بسيدة معروف عنها تيسير أمور الزواج والرقية، فطلبت أسماءنا واسم والدتي، وتبيّن أن والدتي مسحورة، وتم عمل ربط لنا ولها بهدف عدم زواج أي من البنات، وتعطيل أرزاقنا، والتفريق بين والدي ووالدتي.
شيخي الفاضل: أنا -والحمد لله- كل يوم أقرأ آيات السحر والمعوذات وآية الكرسي وأواخر سورة البقرة وأوائل الصافات، وأقوم -والحمد لله- بتطبيق الرقية الشرعية من أدعية الشيخ ابن القيم الواردة في إحدى الفتاوى في إسلام ويب، ولا تغيير يذكر!
وقد قمنا بكامل جهدنا بالبحث عن شيخ معروف بدينه وخلقه ليرقينا، ولم نجده أبدا!
أرجوك شيخي العزيز ما الحل؟ نحن في إحباط وقلق دائم واكتئاب من تأخر زواجنا، حيث أن أغلب صديقاتنا تزوجن ومنهن من يعملن في شركات كبرى.
أسأل الله تعالى أن نجد لديكم ما يهدئ نفوسنا ويفرحنا ويهدينا إلى الصواب.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ mais حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرن أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة- فأحب أن أقول لك أمرًا في بداية كلامي معك، يتعلق بعقيدة المسلم، إذ أننا نؤمن أن الإيمان له أركان ست، ومنها الإيمان بالقدر خيره وشره من الله -تعالى-، والقدر من التقدير، ومعنى ذلك أن الله -تبارك وتعالى- قدَّر كل شيء قبل خلق أي شيء، وهذا ما عبر عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (إن الله قدَّر المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة) ومن هذه المقادير ما يتعلق بالزواج، فإن الزواج أيضًا هو من قدر الله -تعالى-، الزواج والأولاد والصحة والمال والجمال والعمر، هذه كلها من أقدار الله -تبارك وتعالى-.
فثقي وتأكدي أن ما قدره الله هو الخير، وأن ما قدره الله هو الكائن، وأنه لا بد أن يحدث لا محالة، وإذا كان قد قدر الله لكم جميعًا الزواج فسوف يتحقق ذلك وُفق الزمان والمكان والأشخاص الذين حددهم الله -جل وعلا-، ولذلك علينا أن نتوجه إلى الله -تبارك وتعالى-؛ لأنه لا يرد القضاء إلا الدعاء كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- .
فعليك وعلى أخواتك جميعًا التوجه إلى الله -عز وجل- بالدعاء، أن يمُنَّ الله -تبارك وتعالى- عليكم بالأزواج الصالحين.
أما فيما يتعلق بقضية السحر فهذا وارد ولا يُستبعد، لأن هناك أنواعاً من السحر لها تأثير قوي جدًّا فعلاً على حياة الإنسان، بل إن من السحر ما يقتل، ومنه ما يُوقف بعض الأعضاء، ومنه ما يصرف الإنسان عن العمل الجاد وعن التميز، إلى غير ذلك، فلا يستبعد فعلاً أن تكون الأسرة كلها مسحورة، وهذا أمر مع الأسف الشديد ينتشر في بيئاتنا العربية أكثر من غيرها.
كذلك أيضًا هناك أمر في غاية الأهمية وهو مسألة الخلاف ما بين الوالدين، لأنه إذا أراد إنسان أن يتزوج فتاة معينة وذهب فوجد أهلها ليسوا على قلب رجل واحد، والدتها تعيش في بيت ووالدها يعيش في بيت، يقول: "هذه أسرة مشاكل، ومائة بالمائة هذه الفتاة ستكون متأثرة بهذه المشاكل" فهذا أيضًا عامل من عوامل صرف الناس عنكم، وأعتقد أن هذا من الممكن علاجه، فتستطيعون عن طريق الاستعانة ببعض الأقارب وغير ذلك التأثير على الوالد أو الوالدة لكي يجتمعا معًا، لأنكم مع الأسف الشديد أنتنَّ الضحية – أقصد البنات – لهذا التصرف الخاطىء الذي مع الأسف يعطي انطباعًا غير حسن عن الأسرة، فإن أي رجل عندما يتقدم ويرغب في الزواج بفتاة يريد أن يقابل أبًا وأُمًّا يتمتعان باحترام متبادل وتقدير ومشاعر، لا أن يقيم كل واحدٍ منهما في سكن مختلف.
ولذا فإني أقول -بارك الله فيك-: كم أتمنى أن تكون هناك محاولات للإصلاح، لأنكم فعلاً متضررون وسوف تتضررون أكثر من ذلك.
فيما يتعلق بالعلاج: عليك بالرقية الشرعية ومواصلتها بالطريقة التي أنت عليها، واعلمي أنه لن يضيع جهدك هباءً منثورًا، وكونك لم تشعري بتحسن، أو لم يحصل هناك تحسن ليس معناه أن الأمر قد انتهى، فإن الإنسان قد يدعو لسنوات حتى يفرج الله -تبارك وتعالى- كربته ويقضي حاجته، وأنت تعلمين أن سيدنا موسى وأخاه هارون – عليهما السلام – كما ورد في التفسير كانا يدعوان على فرعون ولم يستجب الله دعاءهما إلا بعد خمسٍ وأربعين سنة، وإبراهيم عليه السلام سأل الله -تبارك وتعالى- نبيًّا للعرب {ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم} فاستجاب الله له بعد قُرابة ثلاثة آلاف عام.
فإذًا التوقيت هذا لا ينبغي أن تُشغلي بالك به، المهم مواصلة الدعاء والرقية، وحاولي الاستماع إلى رقية الشيخ محمد جبريل -القارئ المصري المعروف– والتزمي بأذكار الصباح والمساء أنت وأخواتك، وألحّوا على الله -تبارك وتعالى- في الدعاء، واعلمي أن فرج الله قريب، وأنا نصر الله قادم، وحاولوا الإصلاح بين أبيكم وأمكم، عسى الله أن يجعل على أيديكنَّ صلاح الأسرة، وبالتالي عودة المياه إلى مجاريها.
وبالله التوفيق.
اسلام ويب